قصة إبر صينيه !

غصن
البان قريبتي تسير في عقدها الخامس، تعمل بإحدى كبريات مؤسسات الإنشاءات
المدنية بوظيفة مهندس مدني مدير مشاريع . شخصيةٌ في غاية الصرامة و القوة
،لا يأخذها في الحق لومة لائم ، عصاميٌّ تقيم الحد و لو على نفسها .
يقول لي أحد زملائها المهندسين :
إنَّ السير وفق نهجها الإلزامي هو كالمشي على حد السيف ، إن أنت زللت تجد نفسك قطعتين على طرفي السيف !
لماحةٌ غصن البانِ ، إن تكلمت لاتنظر إلا لعينيك ، تلتقط كل تعابير وجهك و
تقرأ ما وراء التعبير فأرى الكثيرين ممن يتحدثون لا ينظرون إليها ، بل الى
أي شيء في المحيط إلا عينيها .
غصن البان لا تقطع أرحامها ، و برنامج زياراتها العائلية كالدستور وساعتها لا يمكن أن تخطئ الوقت !
اليوم هو يوم السبت ، هذا اليوم ..... الذي أحمله ثقيلاً على كتفي ، هو يوم زيارتها
أول عملٍ أقوم به في البيت هو إزالة آثار جريمة التدخين من منفضةٍ أو علبة اللفافات أو حتى أعواد الثقاب !
في الوقت الذي تكون فيه زوجي منغمسةً في المطبخ تحضِّر ما ستقدمه لغصن البان .
آخذةً في الإعتبار إنضباط توقيتها في الطعام و الشراب .
أما الأولاد فشيء آخر ، هم ينتظرونها في هذا اليوم فهي ناصرتهم و هي القائمة على حقوقهم و هي التي تغدقهم بالألعاب .
غصن البان نمطية في لباسها و اختيار ألوانها و نوع عطرها ...... عطرها من
سلالة عطور الكاشاريل إبان العهد العثماني , لا يخرج من تلافيف مُخيخي
يوماً و ليلةً بعد انقضاء الزياره ،
أحاول جاهداً إزالته بشم الفلفل ثم العطاس ، أو وضع أنفي في مرطبان روح الخل و لا حل ّْ.
حكمٌ عسكريٌّ لمدة ثلاث ساعات ، إياك خلالهم أن لا يتوافق طرحك مع طرحها في مختلف المجالات ....
و إلا ستنقلب جلسة الإستماع على رأسك و رأس الحضور .أو تجد نفسك في سلة المحذوفات !
غصن البان لم يتحدثْ أحدٌ من القريب أو البعيد بشيْنٍ عنها ، فهي ضابط الأخلاق في أي مجلس تكون فيه وهي المتصدقة في الظلمات .
لا ترى ضحكتها أبداً و لاتسمعها إلا ابتسامة حياء و متى ؟
عندما تقرأ ابنتي لها شعر أبي بكر ابن زهر منشدةً
يا غصـن نقا مكللا بالذهب *** أفديك من الردى بأمي وأبي

إن كنتُ أسأت في هواكم أدبي *** العصمة لا تكـون إلا لنبي

يا مالك مهجتـي تـرفّـق باللهْ *** لا بدّ لكل عاشـق مـن زلةْ

روحي تلفت ومهجتي في علة *** لا حـول ولا قـوة إلا باللهْ

الغصن إذا رآك مقبل سجدا *** والعين إذا رأتك تخشى الرمدا

يا من بوصاله يداوي الكبدا *** مـا تفعله اليـوم تلقـاه غدا

يا من سألك عن الهوى كن عادل *** احذر تبلى وخل عقلك عاقل

واسـمع مثلا من منتبه لا غافل *** الحب أذى والعشق سم قاتل

قال والدي يصفها :
صحيح أنك تجلس مع غصن البان و كأنك موخوزٌ بالإبر ، لكن الجلسة معها تشفيك و تسمو بروحانيتك
فغصن البان في جلوسك معها توخزك بالعلاج .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» قريه صينيه تشبه لوحه زيتيه رائعه