تسقط في القلب ثمّ تنمو

القصص مثل البذور، تسقط في القلب ثمّ تنمو. وهذه قصة :

كان هناك ملك عظيم حكيم، محاط بأصدقاء كثيرين. وحصل أن أثنين من أصدقائه
ارتكبا جريمة قتل يستحقان عليها القتل. لكن، لأجل العيش والملح والعشرة
الطيبة، ورحمة بهما، بدّل عقوبة قتلهما وأمر بأن يمشيا على حبل ممتد من جهة
إلى أخرى، وتحت الحبل هناك هاوية. وقال لهما: امشيا على الحبل، والذي
يعيش منكما يكون عقابه هذا القلق الذي عاشه أثناء السير، ومن يقع في
الهاوية ويموت فهذا عقابه.
ولم يكن من فرار من ذلك. بدأ الأوّل، ووصل إلى الجهة الأخرى. وبقي الثاني خائفاً، ومن بعيد نظر إلى صاحبه، وسأله:
* كيف تمكنت من الوصول؟
- قال له صديقه: كلما اختل توازني ودفعني الإختلال إلى جانب، سارعت إلى الميل بجسمي إلى الجهة الثانية.
نفهم من هذه الحكاية، أنّ الخلاصة هي "توازن الثنائية". فكل شيء في الدنيا
ليس فيه واحد، إلا الله سبحانه وتعالى. فكما أن هناك ميلاداً هناك موت،
وكما أنّ هناك ظلاماً هناك نور. كذلك هناك إمرأة وهناك رجل، ويابسة وماء..
إلخ.
إنّ مشكلة التطرف هي أنّه رغبة ومغالاة في جهة واحدة معيّنة.
كما أن معظم مشاكلنا تنجم عن حالة عدم توازن. لذا، مهما كانت الرغبة في
شيء، سواء أكان طعاماً أم جنساً أم حباً أم علاقات إنسانية أم قناعات
عقائدية، فنحن معرضون للوقوع في الأحادية. البعض يدرك أنّ الخطأ الحاصل في
حياته هو تطرف، ويقرر تغييره. لكن، بكل أسف، كثيرون يحملون أنفسهم من تطرف
إلى تطرف آخر، مثل الهارب من المجون إلى التطرف الديني.
في مدينة هاكسبي (Haxby) في شمال مدينة يورك، حقل للسنابل، كنت محظوظة وأنا
أشاهده حين كنت أعيش هناك. كنت أقف، وأجد الرياح حين تأتي تحول حقل
السنابل الممتلئة بالبذور إلى ما يشبه الموج، حيث تتمايل السنابل مع الرياح
وكأنّها ترقص على سيمفونية. أمّا السنابل الخاوية، فهي إما أن تتكسر بسبب
جفافها، أو تتعداها الريح فلا تتجاوب معها.
كل يوم في حياتي أشاهد على مسرح الحياة قلباً يتألم من تطرفه أو تطرف إنسان
حوله. كل يوم أرى زوجة محطمة، أو زوجاً حزيناً، أو ابناً وبنتاً تعيسين،
وحتى موظفاً أو جاراً في حالة وجع. والسبب أنّ هناك في هذه الثنائية
الجميلة في علاقات البشر طرفاً لم يتقن فن التوازن ولعبة: "مرّة عليك،
ومرّة عليّ".

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» احبـــــــك يا ذات القلب الحنــــــــون
» كلمات سطرت من القلب
» عندما يبكي القلب
» الهمة محلها القلب
» رسائل من القلب للقلب