أم عمارة:
قال رسول الله صلّى الله عليه و
سلم:"ما التفت يمينا و لا شمالا الّا و أنا أراها تقاتل دوني"..
أم عمارة...الصحابية الجليلة...الفدائية المجاهدة الصابرة, المحتسبة
المبايعة في العقبة الثانية
..
من دعا لها رسول الله صلّى
الله عليه وسلم و لأبنائها, فقال:"اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة"..
أم عمارة.. نسيبة بنت كعب بن عمر بن عوف بن منذول الخزرجية النجارية
الأنصارية المازنية المدنية..
أم المجاهدين الصحابيين الفاضلين
عبد الله و حبيب ابني زيد بن عاصم بن عمر.
وهي من أوائل نساء
المدينة اللواتي سارعن الى دين الاسلام و نصرة رسول الله صلّى الله عليه و
سلم, فقد كانت احدى اثنتين رحلتا مع الأنصار الى مكة حيث كانت المبايعة
للنبي صلّى الله عليه وسلم.
كانت متزوجة في الجاهلية من (زيد بن
عاصم بن عمر) وولدت منه ابنيها (عبد الله و حبيب ابني زيد بن عاصم) و بعد
أن رحل عنها تزوجها المجاهد المؤمن بالله و رسوله (غزية بن عمرو) و قد شهد
غزية بن عمرو مع زوجته بيعة العقبة الثانية..
فأسلمت..و تخلقت
بأخلاق المسلمين, و ملأ الايمان قلبها, فنذرت نفسها و كذلك زوجها و أبناءها
لاعلاء كلمة الحق و التوحيد لله عز وجل, و نشر دين الاسلام, و الجهاد في
سبيل الله تعالى ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.
لقد شهدت أم عمارة
الفدائية المجاهدة مع ابنيها و زوجها (غزية بن عمرو) غزوة أحد.. وخرجت أول
النهار تحمل قربة الماء لتسقي منها الجرحى..فلم تستطع أن ترى بعض جيش
المسلمين ينهزم , فنزلت
ساحة القتال, و قاتلت الكفار و أبلت ذلك البلاء الحسن, و جرحت اثني عشر
جرحا, بين طعنة برمح أو ضربة بسيف,..
فكانت أم سعيد بنت
سعد بن ربيع تقول: دخلت على أم عمارة, فقلت لها: حدثيني خبرك يوم أحد..
فقالت أم عمارة رضي الله عنها:
خرجت أول النهار الى أحد و انا أنظر ما
يصنع الناس.. و معي سقاء فيه ماء, فانتهيت الى رسول الله صلّى الله عليه و
سلم و هو في اصحابه, و الدولة والريح الى المسلمين (أي النصر و الغلبة
للمسلمين) فلما انهزم المسلمون, انحزت الى رسول الله صلّى الله عليه و سلم ,
فجعلت أباشر القتال, و أذبّ عن رسول الله صلّى الله
عليه و سلم بالسيف, و أرمي بالقوس, حتى خلصت الي الجراح!!..
قالت أم سعيد: فرايت على عاتقها جرحا له غور أجوف..فقلت:يا أم عمارة: من
أصابك هذا؟..
قالت أم عمارة رضي الله عنها:
أقبل ابن قميئة,
وقد ولى الناس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصيح: دلوني على محمد فلا
نجوت ان نجا, فاعترض له مصعب بن عمير, و ناس معه, فكنت فيهم, فضربني هذه
الضربة.. ولقد ضربته على ذلك ضربات.. ولكن عدو
الله كان له درعان..
وحدثنا ضمرة بن سعيد المازني عن جدته, قال:
وكانت قد شهدت أحدا تسقي الماء, قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم
يقول:"لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان و فلان"..
و قد كانت رضي الله عنها تقاتل أشد القتال النابع من الايمان و
الحق و تدافع عن رسول الله صلّى الله عليه و سلم, و هي حاجزة ثوبها على
وسطها, حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا, و كانت تقول:
اني لأنظر الى
ابن قميئة و هو يضربها على عاتقها, و كان أعظم فداوته سنة..
و ينادي
منادي رسول الله صلّى الله عليه و سلم ثانية الى حمراء الأسد (و هي الغزوة
التي أعقبت أحدا, و التي طارد فيها رسول الله صلّى الله عليه و سلم
المشركين لئلا يكروا على المسلمين ثانية), فلم تستطع الصبر و لا الراحة,
فارادت أن تهب للقتال ثانية, فلم تستطع من نزف الدم المتساقط من جسدها من
أثر جراحها, و قد مكثت الليلة كلها تضمد الجراح حتى أصبح الصباح..
و كان سرور رسول الله صلّى الله عليه و سلم عظيما بسلامتها و ذلك عندما
أرسل عبد الله بن كعب المازني, ليطمئن عليها, و يسأل عنها.